محمد أبوالعينين يكتب | كولر .. الزعيم القائد
- السبت 21 يناير 2023 08:32 مساءً

لم يهرب من القرارات الصعبة فأصبح معشوق الجماهير:
مارسيل كولر .. الزعيم القائد
بقلم : محمد أبوالعينين
في تعريفه قبل سنوات عبر مقال شهير لمفهوم " الزعيم القائد " كتب الروائي الكبير والدبلوماسي المعروف عز الدين شكري فشير: "هناك إجماع على أن القائد شخص يعرف الناس ومعاناتهم ومشكلاتهم ومشاعرهم وآمالهم ويترجمها كلها إلى مواقف، يرى الناس هذه المواقف ويشعرون بأن نعم، هذا هو ما نريد... ويكمل فشير: وأحيانا، يكون القائد قادرا على جعل الناس تكتشف فى أعماقها أشياء كانت لا تدرك أنها تريدها."
تلك حالة نعيشها الآن مع مدرب بات زعيما وقائدا حقيقيا في عيون جماهيره، يدعمونه وبقوة في أحلك الظروف تبهرهم تصريحاته، تذهلهم انتصاراته، يعشقون شخصيته وصراحته وواقعيته، رغم إنه ليس المدرب الشو الذي يجري وراء الإعلام أو يبحث عن إثارة الجدل
بطل هذه السطور هو السويسري مارسيل كولر المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم " الصفقة الأنجح لمحمود الخطيب رئيس النادي منذ ريني فايلر قبل 4 سنوات" على الصعيد التدريبي ..
حينما حل كولر مديرا فنيا للأهلي، جاء في أصعب الظروف، الأهلي خسر كل بطولاته " دوري وكأس ودوري أبطال إفريقيا " ، جاء بعد مدرب أجنبي لم يستغرق سوى أسابيع قليلة في مهمته، وفريق يقضي أجازة،
ولاعبين يعيشون حالة من التشبع، إلى جانب جماهير غاضبة من ضياع البطولات وقلة الصفقات وتوالي الانكسارات .
مارسيل كولر – رغم عدم تحقيقه سوى بطولة واحدة – بات هو الزعيم القائد والأب الروحي والملهم الأوحد في عيون جماهير الأهلي بفضل ملامح رائعة في شخصيته أبهرت من تابعوه عن قرب وفي مقدمتهم جماهيره ..
أولا .. كولر الشعبوي مع الجماهير
أولا .. نجح مارسيل كولر في تبني خطاب " شعبوي " لجماهير الأهلي يحمل احتراما وتقديرا لعقولهم، فهم ليسوا مجرد مشجعين يهتفون فقط، بل شركاء في النجاح، بدأه عندما طالب بحضور الجماهير في المباريات، مرورا بالإهداء الخاص لأي انتصار يسعد الجماهير مع اعتذار رقيق عند غياب الكرة الجميلة، وأخيرا المصارحة والمكاشفة عند الاهتزاز وبدون استعراض قوى أو مبررات وأوهام كان يجرى تصديرها في الماضي.
ثانيا .. كولر بروفيسير الطاقة الإيجابية
قدرته على اكتشاف ما بداخل لاعبيه وتطويره لأسماء كانوا " بدلاء " في أوقات سابقة، وهذا سر من أسرار نجاح تجربة مارسيل كولر السريعة مع الأهلي، فهو المدرب الذي صنع من كريم فؤاد الظهير البديل جناحا طائرا يسجل الأهداف ويصنعها، ومن أصبح معه طاهر محمد طاهر أكثر نضجا وشخصية وتأثيرا في الملعب، ولمع برفقته لاعب " شبه معتزل منذ سنوات بسبب الإصابات " هو محمود متولي ، هذا في وقت قصير جدا وبدون أن يكون له أي كولر فرصة الاختيار،
ثالثا .. كولر طبيب التأديب والإصلاح
و في أدبيات كولر التدريبية " الإصلاح والتهذيب" وأصبح موقفا خاطئا دفع الأهلي كثيرا ثمنه عندما تحدث رئيس النادي بود شديد مع لاعبيه في أرض الملعب عقب خسارة لقب " وكان هذا يمكن تقبله في غرف مغلقة وليس أمام الرأي العام والجماهير غاضبة فأنتقل الموقف إلى لاعبي الفريق كما لو كانوا أبطالا وصناع الانجازات وحدهم فأصابهم الغرور وظن بعضهم إنهم الأقوى، نعم ظنوا عندما خالف لاعب مثل أفشة قرارات المدير الفني وقرر أن يسدد ركلة جزاء ثم سخر في اليوم التالي، فكان رد مدربه عنيفا وأحرجه أمام الرأي العام، فسارع للإعتذار، موقف مثل هذا قد يمر، لكن مع كولر لا يمكن أن يمر مرور الكرام والرسالة كانت واضحة : مهما كانت قيمتك أنت لست كبيرا على النقد .
رابعا .. كولر أب حقيقي في عيون لاعبيه
عدة مشاهد تلخص لك وجها أخر لهذا المدرب الكبير، وجه أب حقيقي، يقسو نعم لكن لا يذبح، مدرب ذهب له لاعبه السابق حسام حسن " الذي رحل قبل أيام " بعد لقاء الأهلي وسموحة لتحيته، ومدرب ذهب إلى لاعبه كهربا ليهنئه بالتألق في أول مباراة رسمية، وكيف سيطر يوما على عصيان أفشة ، ولماذا يظهر لاعبا رحل ينتقده في الإعلام ، فهو كالأب يحافظ بين شخصية المدرب وروح الأب الذي يسعى لمصلحة أسرته أولا وأفرادها ثانيا " دون كراهية " .
خامسا .. كولر مدرب المباريات الصعبة
لم ينسى مارسيل كولر وسط كل هذا مهمته ومهنته ووظيفته مدرب الكرة المطلوب منه تحقيق الانتصار، فهو المدرب القادر على حسم المباريات الكبرى والصعبة، المدير الفني الذي فاز على الزمالك بهدفي برونو سافيو وكريم فؤاد وحصد كأس السوبر أول ألقاب الموسم، والمدير الفني الذي سحق بيراميدز بالثلاثة ومثلها في الاتحاد السكندري وعبر عقبة المحلة في عقر دارها بثناية جميلة وأفتتح موسمه بالفوز على الإسماعيلي لترى الأهلي الأن في وضعية فريق يقترب بشدة من كل الألقاب، يتصدر الدوري بفارق 4 نقاط عن أقرب ملاحقيه، تأهل إلى نهائي كأس مصر، صعد لمرحلة مجموعات دوري أبطال إفريقيا، وحصد السوبر المصري.
وأخيرا ينتهي عز الدين فشير في تعريفه للزعيم القائد : لا يهرب القائد من القرارات غير الشعبية، لا يحاول التنصل منها، ولا يحاول تأجيلها عسى أن تختفى الحاجة لها بقدرة قادر، ولا يصور للناس أن وضعهم أفضل مما هو عليه. القائد هو الذى يأخذ قرارا صعبا عليه وعلى الناس لأنه يعرف أن فيه المصلحة العامة، ويصدقه الناس رغم ألم القرار ويتبعونه.
وهذا ما فعله مارسيل كولر ، لم يهرب يوما في صمت من مواجهة مواقف صعبة بل واتخذ قرارات أصعب تحدث عن بعضها ويكتم بعضها لكنه لا يهرب من المهمة وهي حصد الانتصار والألقاب ، مدرب
هذا المدرب الكبير المقبل على لقاء عصيب مع الزمالك في الدوري الممتاز يحمل كل النتائج خاصة وأن المنافس كالأسد الجريح ، يستحق أن يحصل على الصلاحيات كاملة ويتركونه يعمل ويعمل فهو الوحيد القادر على قيادة الأهلي إلى منصات التتويج وصناعة زمنا ذهبيا جديدا .
" نقلا عن الصفحة الرسمية للكاتب الصحفي محمد أبوالعينين عبر فيسبوك في 18 يناير 2022 "